أخر الاخبار

هل تشعر إن كل شيء سينهار من حولك عندما تقترب ساعات الظلام

 

ليس من المعقول أن تشعر إن كل شيء سينهار من حولك لمجرد اقتراب ساعات الظلام أو احتمال وقوع خطر ، فهذا أمر طبيعي لأن المخاطر ممكنة الحدوث في أي وقت وعجلة الحياة لا تتوقف لمجرد توقع حصول تهديد، وهنا تأتي الأهمية الكبرى لبناء الإنسان ومقدار العقيدة والإيمان في شخصيته حيث يشعر الشخص بأنه جبل شامخ لا تهزه العواصف. 

 

رجال يقيمون الصلاة
Image by Author

 

لقد قضيت عطلة نهاية أسبوع طويلة في مدينة - Tenerife - على الساحل الشمالي الرائع لإسبانيا، وهو موقع جميل للتمتع باستراحة من إرهاق الحياة اليومية ويكون عندي وقت مناسب للتفكير والتأمل.

 

خلال وقتي الهادئ هناك كنت أفكر وأتأمل في الحياة، والامتنان لله سبحانه وتعالي خالق هذا الكون العظيم.  وكان دماغي منشغل جدا في إمكانية إنعاش موضوع تطوير قدرات الإنسان العربي، هل من الممكن إن نعود الى صدارة الأمم، وكيف يمكنني الخدمة بشكل أفضل في هذه المرحلة من حياتي؟ 

وجدت متعة كبيرة في أن أمسك دفتر يومياتي لأدون أفكاري وتأملاتي بالإعتماد على ما تعلمته في رحلتي لبناء المعرفة بالشكل الصحيح.

كنت أفكر بعمق في حياتي، مستقبلي وما يحدث حولي في العالم بعد أن أثار أحد الأصدقاء الذي يشاركنا هذه العطلة تساؤل كبير يحتمل الكثير من التأويلات ومن الممكن أن يكون مثيرا للريبة والقلق لدى الكثيرين.

 

هذا السؤال كان:

لماذا تشعر وكأن كل شيء ينهار من حولنا؟ الظلام يبدو في كل مكان!

 

أنا أحترم كثيرا وجهات نظر الآخرين وأدرك إنه من الطبيعي أن يكون لكل شخص أسباب منطقية لرؤية العالم من حوله بطريقة معينة

 

قد تشمل هذه الأسباب الصراعات، التشتت الذي تسببه وسائل التواصل الاجتماعي، التعامل الفوقي لدى البعض، الأحكام الخاطئة وغير ذلك الكثير.

 

لا يمكن تجاهل مشاكل الدوافع الأنانية، الشعور بالعزلة ، نقص التعليم ، نقص الرعاية الصحية وعدم توفر أو قلة الفرص.

 

لا أستطيع أن أقرر ما إذا كنت أكثر انزعاجا، حزنا ، إحباطا أو غضبا في الوقت الحالي، لكنني شعرت بقلق أكبرهذه المرة ، من الممكن أن أكون على حق.

 أليس كذلك؟

واقع الحال وتسارع بعض الأحداث من حولنا أجبرني على البدء بمراجعة بعض حساباتي بقصد توفير أكبر قدر ممكن من الإستعداد النفسي وعدم السماح لبعض المخاوف أن تأخذ حيز من تفكيري.

ألن يكون الأمر هكذا دائما ؟

 

أن أرى إن الظلام يحيط بنا هو موضوع متكرر في معظم الأوقات وهذا الأمر يصعب تجاهله. 

طوال حياتي، لم أسمع أو أرى إن أمة أو مجتمعا لم يتأثر بالتحديات الكبيرة، والنضالات الملحمية من أجل البقاء.

 

السؤال الآن!

هل هناك أي شيء يمكننا القيام به ؟

هل من الممكن أن نقبل لأنفسنا فكرة النظر لهذا الكون أو البشرية جمعاء بشكل سوداوي وتشاؤم ؟

إنه جزء أساسي من واجبي كمدرب وكاتب مختص في بناء المعرفة وتطوير الذات أن أنظر للعالم من منظور صحيح وأسعى جاهدا لبث مشاعر الطمأنينة.

 

غالبا ما يبحث الناس عن إجابات لهذا السؤال - ماذا يمكننا أن نفعل ؟ أفضل رد هو أننا بحاجة إلى تعلم إدارة أنفسنا وصراعاتنا بشكل أفضل

 

لاشك إن هذا شيء يمكننا جميعا القيام به، بغض النظر عن  مقدار الصعوبات ، تعدد الأزمات وحجم التحديات

  

وأعتقد أيضا أن معاملة بعضنا بعضا باحترام وكرامة في الأوقات الحرجة سيكون له الدور الأهم في تجاوز أي محنة.

 

إذن، كيف يمكنك إدارة نفسك بشكل فردي بشكل أفضل بحيث لا تشعر إن كل شيء سينهار من حولك عندما تقترب ساعات الظلام؟

  

 لدينا جميعا كبشر الطرق الخاصة التي اخترناها لبناء أنفسنا ونعتقد إنها تساعدنا على تحقيق الأهداف وصولا لمستقبل أجمل وأفضل.

 

خلال هذا الوقت وحيث يلوح في الأفق شيء من الظلام والسوداوية، أود منك أن تفكر في الجانب أو البعد الروحي لحياتك وماذا تعلمت في هذا المجال لغاية هذه اللحظة.

لقد كانت إحدى عوامل الجذب المهمة في الحياة لدراسة النصوص الروحية من كل معتقد ودين، والتي استغرقت معظم سنواتي العشر الماضية.

لقد بدأت رحلة تعميق الايمان وإستكشاف مكامن القوة، معرفة الجوانب المشرقة في ديننا الحنيف منذ أكثر من عشر سنوات وهذه أعتبرها من أجمل سنوات عمري كوني عرفت خلالها المعنى الحقيقي لوجودنا في هذه الحياة وأستطيع أن أشرح السبب لتسمية هذه الحياة – الدنيا – وأقصد لماذا لم يسموها العليا بدلا من الدنيا؟ 

كمسلم، تعلمت من ديني أن أثمن مفهوم الروحانية الحقيقية في عالم مادي من الطراز الأول وتجنب الوقوع في فخ التزييف والضلالة وهذا الذي أكرمني إياه الله سبحانه وتعالى كان جزء أساسي من رحلتي لبناء الحياة المستقرة التي أنعم بها الآن وأعتقد أن الجميع يعرف عن الركائز الخمس الرئيسية للمسلمين، هذه هي:

 

الشهادتين ، الصلوات ، الزكاة ، الحج والصيام 

أربعة من هذه الطقوس الخمسة الرئيسية تشجع الناس على الحب والتعاطف والتعاون. فلماذا نشعر بالخوف ، القلق أو التهديد ونحن نمتلك هذا الكنز الكبير وننفرد به عن باقي شعوب الأرض وهو ما يجب أن نلجأ اليه لكي نشعر بالأمان والاستقرار. 

أعتقد وحسب تجربتي الشخصية أن هذه القيم الثلاث تخدمنا جيدا في رحلتنا لنصبح بشرا أفضل وهي بكل تأكيد تتناسب مع معتقدات باقي شعوب الأرض ومن الممكن أن تكون لهم نبراسا مضيئا في وسط الظلام والمخاطر المحتملة.

 

إذا كنت تشعر إن كل شيء سينهار من حولك عندما تقترب ساعات الظلام فما عليك الا أن تركز على هذه الصفات المهمة وتجعلها شيء أساسي في حياتك.

  

التمسك بالبساطة وروح التواضع

 

في كثير من الأحيان، الحياة لها طريقة تجعلنا متواضعين.


نعلم جميعا أن الحياة صعبة في بعض الأحيان، ولا يمكنك توقع أن يكون أي شخص مثاليا

 

من الضروري التسليم بحقيقة بأننا جميعا قادرون على مواجهة الظروف الصعبة والوصول إلى مستويات عالية من الأداء عندما نتعرض الى أي من أشكال التهديد.

 

في هذا العالم المتغير باستمرار، يجب أن تتغير فلسفتنا وقدراتنا.

 

هذا يعني أنه يجب علينا التغيير والتعلم، وحيث توجد تسهيلات كثيرة لإحداث التغيير في أنماط حياتنا وفرص تعميق الإيمان والحصول على توفيق الطاعة لا حصر لها ، فقط علينا أن نحدد رؤيتنا ، نضع أهدافنا بشمل واضح ونبدأ المسير دون توقف.

 

يجب عليك أن تتواضع وتخوض تجربتك في الحياة بشكل جدي وقبول التغييرات الجديدة في حياتك بجعلها عادات بناءة ستكون جزء من روتين حياتك اليومي .

  

عندما نشهد ارتفاعا كبيرا في سيطرة وسائل التواصل الاجتماعي على عقول الناس، أعتقد أنه من الأهمية بمكان إعتماد نمط حياة يومي مليء بفقرات متنوعة تبعدك عن إدمان التصفح.

 

الناس في جميع أنحاء العالم لديهم تعريفات مختلفة لما يعنيه التواضع بالنسبة لهم، وأنا أعيش في مجتمع غربي وأرى مقدار التواضع والبساطة في حياة الناس عكس ما أجده في البلاد العربية حيث يفضل الكثيرين حياة الترف والمظاهر الزائفة.

 

أرجو ممن لديه أفكار معينة لمعنى التواضع أن يشاركه معنا هنا في التعليقات. 

 

ترجيح كفة التعاطف والتراحم

 

كثير من الناس في مجتمعاتنا يكافحون من أجل الحصول على لقمة العيش أو ينتظرون من يمد لهم يد العون للعلاج ، الدراسة أو ربما الزواج.

 

مثل هذه الأمور ساهمت بشكل كبير في رفع مستوى القلق العميق ، الرهبة ، العزلة والكراهية وكل منا يشاهد العشرات من الوقائع المؤلمة ونحن نتصفح الانترنت.

 

أشعر دائما بألم شديد عندما أزور بلدي - العراق - لأن الكثير من الناس يعطون أهمية كبرى للمظاهر في علاقتهم مع الآخرين، متجاهلين الإهتمام في ضرورات الحياة اليومية وليس في قاموس حياتهم أي هامش لبناء المعرفة وتنمية الذات. 

 

أصبحت الكثير من المجتمعات مرهقة جدا وترى الناس في حالة ضياع وتشتت بسبب عدم القدرة على مجاراة الحياة وهي تتعقد يوما بعد يوم . إن هذا الأمر يدعونا لأن نكون عطوفين جدا مع الآخرين للتخفيف من معاناتهم. 

 

عندما يسيء الآخرون معاملتك او يظنون بك السوء فلا تبتئس وكن متسامحا وهي فرصة لأن تعزز في داخلك الضرورة الملحة لأن تلبى حاجة الناس الى الإحترام والعطف.

 

يحظى الكثير من رجال الدين بالكثير من التقدير والاحترام كونهم يطلبون من الناس بشكل مباشر مساعدة بعضهم البعض الآخر والتعامل بلطف ورأفة واحترام وهذا الأمر يجعلهم مصدر إلهام دائم للناس.

 

نحن نعلم أن هذه معايير عالية جدا من الصعب تحقيقها في هذا الزمان، لكننا بحاجة إلى مواصلة السعي لتحقيقها مهما حدث

 

سيكون من دواعي تقديرنا أن نكون ذلك القلب العطوف الذي يقدم كل الحب والاحترام لإخواننا البشر

 

الحرص على تقديم خدمات جليلة للمجتمع

 

أحد الأشياء التي تعجبني أكثر في بعض الناس هو تفانيهم في القضية التي يخدمونها بقصد تحقيق الهدف الذي جاؤوا لهذه الحياة من أجله، فسيصبح من الواضح أنهم يكرسون أنفسهم للتأثير بشكل إيجابي في حياة الآخرين أو على العالم بطريقة ما، حتى لو أخذت هذه الرحلة اتجاهات مختلفة أو مرت بظروف صعبة على مر السنين

انظر الى أي نص روحاني يقع أمام عينيك، تجده يدعو الى الإيمان وخدمة الآخرين مما يجعل لهذا النص تأتير إيجابي فعال في حياة الناس ويبعد عنهم بعض الهموم ومشاعر الحزن.   

هناك طيف واسع من المعتقدات في هذا العالم، لذلك دعونا نعتبر ما يحدث في الوقت الحاضر أمر طبيعي ممكن حدوثه في الزمان كما كان قد حصل في حقب زمنية مضت وبالتأكيد إن حالة الشد والشعور بوجود تهديد سيتلاشى يوما بعد آخر وينعم الجميع بحياة أفضل.


ماذا تعني لك هذه المفاهيم، وكيف تظهر في حياتك ،علاقاتك، تفكيرك، وتخطيطك؟ أكتب ذلك في يومياتك وحاول أن تنشره بين الناس حتى تساعدهم على التخلص من مشاعر الخوف والقلق و ما شابه ذلك.

 

 

Hani Ameri
كاتب المقال : Hani Ameri
كاتب ومدرب تطوير الذات ، تنمية الشخصية ، بناء المعرفة وتعلم مهارات جديدة. بدأت رحلتي في العمل عام ١٩٩٠ وقد كانت رحلة شاقة جدا تعرضت خلالها للكثير من الصعوبات ، المشاكل ، النكسات وفشلت في مجالات معينة عدة مرات ولكني لم أستسلم وواصلت مسيرتي نحو النجاح والإستقرار الذي تحقق لي بفضل الله سبحانه وتعالى. أتمتع بحياة مستقرة وهادئة تخلو من أي شعور بالقلق وبعيدة عن أية إضطرابات أو أحداث غير متوقعة هنا وهناك. وجدت نفسي أمتلك فسحة من الوقت أستطيع إستغلالها للعطاء حسب ما أتمكن في خدمة الآخرين والمجتمع حيث أكرمني الباري وعز وجل بنعم كثيرة وقد حان الوقت لكي أرد شيء من فضل العزيز الجليل الذي أسداه لي.
تعليقات
تعليق واحد
إرسال تعليق
  • AlKhawafil
    AlKhawafil 20 أبريل, 2022

    مقال ولا أروع. 🌹

    إرسال ردحذف



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -